رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

السجون النموذجية

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

تابع صحيفة" المرصد" عبر تطبيق شامل الاخباري

https://shamel.org/panner


اتخذ أحد السجون في بريطانيا خطوة غير مسبوقة، بأن أعطى المساجين مفاتيح زنازينهم، وهم أحرار في الدخول والخروج متى شاءوا دون رقيب أو حسيب – انتهى.
وبحكم شغفي بقراءة المطبوعات القديمة لتوسيع نطاق رؤيتي، وقع في يدي عدد من مجلة مصرية منقرضة اسمها «مسامرات الجيب» في الثلاثينات من القرن الماضي، وفيها خبر سبقوا به السجن البريطاني، وجاء فيه:
إنه سجن عجيب بلا أسوار، ولا جدران، ولا حديد، ولا أسلاك شائكة، وعلى أرض مساحتها أربعة أفدنة، هذا هو سجن الزقازيق، خارج البلدة في الطريق الزراعية.
أول ما يطالعك منه لافتة مكتوب عليها «مزرعة السجن العمومي»، تدخل المزرعة من بابها إلى ممشى نظيف، على يمينه زراعة «الباذنجان» مخططة بعناية ودقة، وقد غرست شتلاتها بنظام عجيب، وعلى الشمال زراعة «القرع العسلي»، ثم «الملوخية» تلمع وريقاتها ويتلألأ الندى في عروقها الخضراء تحت أشعة الشمس، وترى أسراباً من الأرانب، تقفز نافرة هنا وهناك، ثم ترى الرجال – المساجين - يداعبون الأرض بفؤوسهم في نشاط.
ويحدثك مأمور السجن فيقول: هذه أول مزرعة من نوعها في القطر، وقد أنشأناها منذ ثمانية أشهر فقط، وكان يجب أن تنشأ من سنين.
ثم يستأنف بحديث يسبق عصره ويقول:
كانت النظرة القديمة إلى المسجون أنه عضو فاسد من المجتمع يجب بتره، لكن وفي أيامنا هذه يجب أن تتغير هذه النظرة، فالسجين إنسان أولاً، وقد كانت بعض السجون مزرعة للإجرام تخصب فيها البذور التي كان يرجى لها بعض الصلاح، فلِمَ لا يؤدي السجن دور المزرعة الصالحة تنبت النبات الأخضر بدلاً من الشوك والطحلب؟!
وقد أعطت المزرعة كل ما يلزم السجناء من خضراوات طازجة، ويبقى بعد ذلك قدر كبير منها يباع ويعود ريعه مناصفة بين المساجين وحراسهم.
وللمعلومية، يبلغ عدد المسجونين هناك 36 سجيناً يقوم على حراستهم جنديان اثنان فقط، وإذا علمت أن أحداً من هؤلاء المساجين لم يفكر أو يحاول الهرب، أيقنت أن الحراسة هناك عملية إنسانية يقوم فيها كل من الطرفين بمساعدة الآخر على أداء واجبه، وقد تتساءل: ألم تغرِ الحرية ببريقها فريقاً من هؤلاء التعساء، بأن يحدث أن حاول أحدهم الفرار؟!
فيجيب المأمور: هذا هو الشهر الثامن ولم «يتشرف» السجن بفرار أحد منهم بعد، وأظن أن هذا لم ولن يحدث، لسبب بسيط هو أن المذنب يشعر وهو يعمل أنه يأكل بعرق جبينه – انتهى.
من المؤكد أن من يقرأ كلامي هذا سوف يتهمني إما «بالتهّكم»، أو «بخفة العقل»، وهو في كلا الاتهامين على حق.
نقلاً عن الشرق الأوسط

arrow up